أسرار ووثائقإختيار المحررالعرض في الرئيسة
“مجتهد” يكشف عن دراسة سرية لضابط كبير في وزارة الدفاع السعودية بشأن اخفاقات المملكة في حربها على اليمن
يمنات – صنعاء – خاص
نشر المغرد السعودي الشهير “مجتهد” على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، دراسة شاملة لعاصفة الحزم ومشروع إعادة هيكلة وزارة الدفاع، أعدها أحد الضباط الكبار في وزارة الدفاع السعودية على حد تعبيره.
وتناولت الدراسة وضع القوات المسلحة السعودية ما قبل بدء الحرب على اليمن معتبراً ان مرحلة إعادة هيكلة وزارة الدفاع السعودية شابها الاستعجال الشديد دون الأخذ بالدروس المستفادة من كارثة الحرب على اليمن والحماقات التي ارتكبها خالد بن سلطان في ذلك الحين،” واصفا الخطة المعتمدة بالـ” متفائلة أكثر مما يجب”.
وأضاف ان المخططون اعتمدوا على فرضية نجاح الحملة الجوية وتهيئة الميدان لسيطرة القوات الموالية للرئيس هادي في وقت قصير لايتجاوز عدة اسابيع على ابعد تقدير، كانت الخطة متفائلة أكثر مما يجب حيث كان دور القوات البرية الرئيسي اتخاذ موقف دفاعي على الحدود.
أما عن مرحلة تنفيذ “عاصمة الحزم” فرأت الدراسة أن “الحملة الجوية انطلقت قبل تكامل الحشد الدفاعي على الحدود”، لافتا الى أن “ضعف اداء الاستخبارات العسكرية انعكس على دقة تحديث بنك الأهداف، وبالتالي على نتائج الحملة الجوية التي سرعان ما اتضح انها لم تحقق الهدف المنشود منها، حيث كانت قوات أنصار الله والموالين لهم ممسكة بزمام الامور، ليس في جبهات القتال في اليمن فحسب، بل تمكنت من التقدم والوصول الى الحدود والاشتباك مع القوات السعودية وإلحاق خسائر جسيمة بها”.
واعتبر الضابط، ان الإعلان عن إعادة الأمل نهاية لعاصفة الحزم وبداية لمرحلة جديدة من الحرب كان ورطة سياسية وإعلامية حيث ان المتحدث الرسمي أحمد عسيري عاد لاحقا ليصرح بان مخزون السلاح المتوفر لدى الحوثي وصالح يفوق ماتمتلكه عدة دول مجتمعة.
وأشار الضابط ان قوات التحالف السعودي لم تتمكن من “إعادة الأمل” الى المناطق المحررة وعلى رأسها مدينة عدن حيث لم يلمس المواطن العادي حتى هذه اللحظة عودة الحياة الآمنة الى الحد الأدني المنشود.
مضيفاً ” على العكس تماما نشأت تعقيدات إضافية نتيجة لتنفيذ القاعدة عمليات في عمق المناطق المحررة وعلى رأسها عدن وعدد من ضواحيها ومنها مكيراس والشيخ منصور والمعلا إضافة إلى مدينتي المكلا وشبوة”.
الإشكال الأكبر كان في إقحام قوات تابعة للتحالف الذي تقوده السعودية، حيث كانت هناك مشكلة التعرف على الارض، ومشكلة العمل المشترك، ومشكلة تفاوت مستويات التدريب وتفاوت انواع الاسلحة المستخدمة، مما جعل من عملية الامداد لهذه القوات معضلة كبيرة. لكن المشكلة الاكبر كانت في القيادة والسيطرة، حيث لم تكن تلك القوات المشاركة -علاوة على نقاط الضعف المذكورة أعلاه- تنضوي تحت توجيهات قيادة موحدة وذلك نتيجة لاطماع وأهداف دولة الإمارات التي تشكل قواتها البرية الجزء الأكبر من قوات التحالف البرية في اليمن.
وساهمت تلك العوامل مجتمعة في إطالة أمد الحرب وعطلت تحقيق تقدم حقيقي خاصة على جبهة تعز، كما ساهمت في تحول الحرب الى حرب استنزاف حقيقية وارتفاع معدلات الخسائر البشرية والمادية، وجعلت من تحقيق الاهداف المعلنة بعودة “الشرعية” والانسحاب من المدن وتسليم السلاح واطلاق سراح المعتقلين امرا مستبعدا جدا.
الدراسة التي تم نشرها في صفحة “مجتهد“
وضع القوات المسلحة ماقبل بداية الحرب:
-
عدم وجود عقيدة قتالية واضحة
-
ضعف عام في مستوى التدريب
-
تدني الروح المعنوية
-
تردي الجاهزية القتالية
-
حالة من الارتباك نتيجة لتوالي التعيينات والاقالات من منصب نائب وزير الدفاع
-
تعيين قيادات لاتتمتع بالكفاءة والمصداقية سواء على مستوى مساعد وزير الدفاع ورئيس الاركان وقادة افرع القوات المسلحة
-
توج الحالة المتردية تسلط محمد بن سلمان على وزارة الدفاع ابان تولي والده الوزارة الى ان تولاها هو شخصيا
التخطيط والاعداد للحرب
كانت مرحلة التخطيط للحرب والاعداد لها تتسم بصفة الاستعجال الشديد دون الأخذ بالدروس المستفادة من كارثة حرب الحوثيين السابقة والحماقات التي ارتكبها خالد بن سلطان في ذلك الحين.
اعتمد المخططون على فرضية نجاح الحملة الجوية وتهيئة الميدان لسيطرة القوات الموالية للرئيس هادي في وقت قصير لايتجاوز عدة اسابيع على ابعد تقدير.
كانت الخطة متفائلة أكثر مما يجب حيث كان دور القوات البرية الرئيسي اتخاذ موقف دفاعي على الحدود.
اتسمت مرحلة التخطيط والاعداد بضغط من “القيادة العليا” بسرعة تجهيز الخطة الرئيسية والتي اعتمدت على الجهد الجوي بشكل رئيسي، وكان من خطط لها لم يكن يعلم ان النصر لايمكن تحقيقه من الجو دون وجود قوات برية قادرة على استثمار الجهد الجوي وتحقيق التقدم على الارض .
طريقة تنفيذ عاصفة الحزم!
انطلقت الحملة الجوية قبل تكامل الحشد الدفاعي على الحدود، وكان ذلك ترجمة لأوهام فريق التخطيط ومتخذ القرار السياسي بأنّ القوات الجوية قادرة على تهيئة ميدان المعركة للحسم السريع خاصة وأنها كانت تتمتع بالسيطرة الجوية المطلقة.
انعكس ضعف اداء الاستخبارات العسكرية على دقة تحديث بنك الأهداف، وبالتالي على نتائج الحملة الجوية التي سرعان ما اتضح انها لم تحقق الهدف المنشود منها، حيث كانت قوات الحوثي وصالح -ولاتزال- ممسكة بزمام الامور، ليس في جبهات القتال في اليمن فحسب، بل تمكنت من التقدم والوصول الى الحدود والاشتباك مع قواتنا والحاق خسائر جسيمة بها.
كان ذلك فشلا ذريعا لهيئة استخبارات وامن القوات المسلحة، وكان الفشل الاكبر من نصيب جهاز الاستخبارات العامة، والسبب ان اليمن كان يعتبر لدى هؤلاء مجرد باحة خلفية كما يزعمون، ثم اتضح من واقع التجربة أنه تم استغفالهم جميعا من مصادر كانت تعتبر موثوقة لديهم.
المغفلون تم التلاعب بهم من قبل قيادات قبلية حصلت على مساعدات ولم تقم بالمطلوب منها سواء على الحدود أو مايوصف بالحزام القبلي المحيط بصنعاء.
تجدر الاشارة هنا الى احد أهم التوصيات بعد حرب الحوثيين السابقة (٢٠٠٩) وهي انشاء وحدات قتال جبلي لمواجهة احتمال تجدد الصراع مع الحوثيين مجددا.
الواقع ان التوصية لم تنفذ كما يجب وتم الاستعاضة عنها بتدريب للقوات الخاصة التابعة للقوات البرية مع عدة دول منها الباكستان وفرنسا، ومع ذلك لم تكن تلك التدريبات كافية للتخفيف من واقع التجربة المريرة التي خاضتها القوات البرية تحديدا. وكان الثمن غاليا جدا بسبب عدم وجود وحدات قتال جبلي مهيئة كما يجب لخوض الحرب في مناطق ذات تضاريس غاية في الوعورة والتعقيد أمام عدو يعرف تماما تفاصيل الأرض ويعرف كيف يطوعها لصالحه.
وكان هناك توصيات أخرى جرى تجاهلها في اعقاب حرب الحوثيين السابقة مثل الحث على المزيد من التنسيق مع حرس الحدود وإنشاء نظام مراقبة يرتبط بمراكز عمليات موزعة على امتداد الخط الحدودي الطويل، إضافة لتلافي أخطاء ارتكبت فيما يخص الامداد والتموين والاتصالات والخدمات الطبية، وللاسف لم يتم تنفيذ اي منها كما يجب.
ما يسمى بإعادة الأمل
اعتبرت عملية إعادة الأمل نهاية لعاصفة الحزم وبداية لمرحلة جديدة من الحرب حيث تم الإعلان عن تدمير معظم مخزون السلاح التابع للحوثي وصالح لأن عاصفة الحزم حققت اهدافها بامتياز والخطر زال عن حدود بلادنا نتيجة لتدمير مخازن الذخيرة ومنصات اطلاق الصواريخ الباليستية وفقا للمتحدث الرسمي باسم التحالف.
لكن هذا الإعلان كان ورطة سياسية وإعلامية حيث ان المتحدث الرسمي نفسه عاد لاحقا ليصرح بان مخزون السلاح المتوفر لدى الحوثي وصالح يفوق ماتمتلكه عدة دول مجتمعة.
كما اتضح أن ماتم الإعلان عنه لم يكن يتجاوز فرقعات إعلامية حيث تكرر إطلاق الصواريخ الباليستية في عمق بلادنا من منصات إطلاق يفترض أنها دمرت وفقا للمتحدث الرسمي. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوز الى اقتحام عدد من المواقع الدفاعية للقوات البرية وتكرر ذلك في ذات المواقع عدة مرات.
نتيجة لعدم قدرة الجهد الجوي وحده على حسم المعركة تم تدريب قوات تابعة للشرعية على عجل في الوديعة والزج بهم لاحقا باسم قوات الشرعية.
ولم تتمكن قوات التحالف من “إعادة الأمل” الى المناطق المحررة وعلى رأسها مدينة عدن حيث لم يلمس المواطن العادي حتى هذه اللحظة عودة الحياة الآمنة الى الحد الأدني المنشود.
وعلى العكس تماما نشأت تعقيدات إضافية نتيجة لتنفيذ القاعدة عمليات في عمق المناطق المحررة وعلى رأسها عدن وعدد من ضواحيها ومنها مكيراس والشيخ منصور والمعلا إضافة إلى مدينتي المكلا وشبوة.
الإشكال الأكبر كان في إقحام قوات تابعة للتحالف من عدة دول، حيث كانت هناك مشكلة التعرف على الارض، ومشكلة العمل المشترك، ومشكلة تفاوت مستويات التدريب وتفاوت انواع الاسلحة المستخدمة، مما جعل من عملية الامداد لهذه القوات معضلة كبيرة. لكن المشكلة الاكبر كانت في القيادة والسيطرة، حيث لم تكن تلك القوات المشاركة -علاوة على نقاط الضعف المذكورة أعلاه- تنضوي تحت توجيهات قيادة موحدة وذلك نتيجة لاطماع وأهداف دولة الإمارات التي تشكل قواتها البرية الجزء الأكبر من قوات التحالف البرية في اليمن.
ساهمت تلك العوامل مجتمعة في إطالة أمد الحرب وعطلت تحقيق تقدم حقيقي خاصة على جبهة تعز، كما ساهمت في تحول الحرب الى حرب استنزاف حقيقية وارتفاع معدلات الخسائر البشرية والمادية، وجعلت من تحقيق الاهداف المعلنة بعودة الشرعية والانسحاب من المدن وتسليم السلاح واطلاق سراح المعتقلين امرا مستبعدا جدا.
النتيجة:
تسبب إقحام القوات المسلحة، بل والبلاد، في حرب صعبة دون استعداد وبعيدا عن التوقعات، سبب افي نتائج كارثية، بما تحمله الكلمة من معنى، حيث تجاوت الخسائر البشرية لقواتنا المسلحة وحدها 10000اصابة بين قتيل وجريح، ومايزيد عن1200 دبابة وعربة مدرعة وعربة خفيفة، بين مدمرة بالكامل او معطوبة جزئيا و5 طائرات منها طائرة مقاتلة سقطت في بداية الحرب.
مع الاسف كان ذلك متوقعا بسبب تردي حال القوات المسلحة تسليحا وتدريبا وكذلك في عجزها عن مواجهة اساليب قتال الحوثي وصالح البعيدة كل البعد عن اساليب قتال الجيوش النظامية، حيث يصنف اسلوب قتال الحوثي بمايسمى بالحرب غير المتماثلة.
ادى الفشل الذريع في هذه الحرب إلى اضطرار القيادة السياسية في بلادنا للجلوس على طاولة المفاوضات مع من وصفتهم بمجموعة انقلابية خارجة عن القانون، وجرت المفاوضات في ظل موقف ميداني لقواتنا المسلحة لايمكن وصفه سوى بموقف غاية في الضعف والتردي.
تحول الحوثي -شئنا أم أبينا- الى رقم صعب لايمكن تجاوزه بهزيمة عسكرية حاسمة ولا بمفاوضات يتم الخروج منها بماء الوجه وباقل الخسائر الممكنة.
في جميع الاحوال وحتى في حالة التوصل الى اتفاق مخزٍ يعترف ضمنيا بالهزيمة، فلا يعدو ذلك ان يكون مجرد استراحة وتهيئة لحرب قادمة أشد عنفا وضراوة.
كان ذلك حال القوات المسلحة لدولة تحتل مرتبة متقدمة في الانفاق الدفاعي على مستوى العالم يواجه جيشها مجموعة من الحفاة العراة. كما كان ذلك نتيجة مباشرة لتراكمات طويلة من سوء إدارة وخلل كبير في اساليب بناء وتنظيم وتطويرالقوات المسلحة.
ما يسمى بإعادة هيكلة وزارة الدفاع:
منذ مايناهز العام ونيف ومحمد بن سلمان يسعى لما يسمى اعادة هيكلة وزارة الدفاع، ومضمون إعادة الهيكلة هو انشاء قيادات والغاء اخرى وتغيير لبعض المسميات القيادية.
الحقيقة أن القوات المسلحة بحاجة ماسة لإعادة بناء وليس فقط إعادة هيكلة، ويشترط لذلك تكليف القوي الأمين وليس شابا قليل الخبرة محدود القدرات لم يتورع عن إقحام مدنيين في عملية إعداد الدراسة الخاصة بموضوع إعادة هيكلة الوزارة متجاهلا البقية الباقية من ذوي الخبرة والتجربة والامانة من منسوبي القوات المسلحة.
كما يشترط حتما لإعادة بناء القوات المسلحة التوقف مليا عند التراكمات الطويلة التي خلفها سلطان بن عبدالعزيز وابنه خالد وإصلاحها بعد الإعتراف بجميع الكوارث التي ارتكبت بحق القوات المسلحة والتي نلخصها بما يلي:
اولا
تشكيل قيادة مستقلة للدفاع الجوي من أجل إرضاء غرور وغطرسة خالد بن سلطان في ذلك الوقت، حيث اتضح جليا فيما بعد خطأ تاسيس هذه القوة وبما يتعارض مع مصلحة القوات المسلحة.
ثانيا
التحقيق في كافة الصفقات المشبوهة ومن ساهم بالموافقة عليها ومن استفاد منها على مختلف المستويات حيث تشير معلوماتنا إلى قائمة طويلة من المتنفذين ومن يمثلهم والتي سوف يتم إعلانها في الوقت المناسب.
ثالثا
إعادة النظر في منظومات التسليح العاملة حاليا لدى القوات المسلحة ومدى ملائمتها لمواجهة المخاطر المحيطة ببلادنا.
رابعا
تصحيح مسار التدريب للضباط والافراد ورفع مستوى الجاهزية القتالية لدى كافة أفرع القوات المسلحة.
خامسا
لاتزال أفرع القوات المسلحة غير قادرة على القيام بالعمل المشترك، وثبت ذلك في أكثر من مناسبة. ولا يمكن تحقيق العمل المشترك بكفاءة دون ان يقوم القوي الأمين بتصحيح المسار، ليس فقط بتغيير المسميات واستحداث قيادات، بل من خلال الخوض بعمق التراكمات الكارثية التي ارتكبها سلطان بن عبدالعزيز وابنه خالد خلال فترة تسلطهم على وزارة الدفاع.
وللقيام بذلك يجب اعادة النظر بمايلي:
-
السياسة العسكرية
-
الاستراتيجية العسكرية
-
العقائد القتالية للافرع والعقيدة المشتركة للقوات المسلحة